بإنجاز تاريخي غير مسبوق، حجز المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة مقعده في نهائي كأس العالم للشباب المقامة حالياً في الشيلي، بعد تأهل مستحق عزز مكانته كأول منتخب عربي يبلغ هذا الدور منذ 44 سنة، حين حقق المنتخب القطري إنجازاً مشابهاً في نسخة 1981 بأستراليا.
ويأتي هذا التأهل كتتويج لمسار استثنائي، إذ تصدر “أشبال الأطلس” مجموعتهم الثالثة القوية التي ضمت إسبانيا والبرازيل والمكسيك، قبل أن يتفوقوا في ثمن النهائي على كوريا الجنوبية (2-1)، ويهزموا الولايات المتحدة (3-1) في ربع النهائي، ثم يطيحوا بمنتخب فرنسا في نصف النهائي بضربات الترجيح (5-4). نتائج أكدت أن أبناء المدرب وهبي يمثلون بالفعل جيلاً ذهبياً لكرة القدم المغربية.
ويعكس هذا الإنجاز الديناميكية الإيجابية التي تعرفها الكرة الوطنية في مختلف الفئات. ويؤكد نجاعة سياسة التكوين القاعدي التي تنهجها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. لاسيما عبر أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي أصبحت منبعا أساسياً للمواهب التي ترفع اليوم العلم الوطني في أرقى المنافسات الدولية.
كما ساهمت الجالية المغربية بالخارج في رفد المنتخب الوطني بعدد من العناصر الموهوبة. بفضل تكوينها داخل مدارس كروية أوروبية عريقة في فرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا. لكن بقلوب تنبض بحب المغرب وانتماء صادق للوطن الأم.
واختيار هؤلاء النجوم الواعدين تمثيل المغرب عوض منتخبات بلدان إقامتهم يعكس عمق ارتباطهم بالهوية الوطنية. وهو امتداد لروح الانتماء التي تجلت خلال ملحمة مونديال قطر 2022. حيث عبّر شباب المهجر عن تشبثهم بجذورهم وقيمهم الوطنية والأسرية والدينية.
واليوم، يتطلع “أشبال الأطلس” بثقة وعزيمة إلى معانقة أول لقب عالمي في تاريخ كرة القدم المغربية والعربية. في مشهد يجسد نضج جيل شاب يؤمن بقدراته وبمشروع كروي وطني طموح.
وعلى مدى تاريخ البطولة، كان الحضور العربي محدوداً في الأدوار النهائية. إذ بلغ المنتخب القطري النهائي عام 1981، فيما وصلت مصر إلى نصف النهائي سنة 2001. وحقق المغرب إنجازاً مماثلاً في نسخة 2005 بهولندا، قبل أن يبرز المنتخب العراقي في نسخة 2013 بتركيا.
ويبرهن التألق الحالي لمنتخب الشباب المغربي، الذي يجمع بين خريجي أكاديمية محمد السادس ولاعبين من النوادي الوطنية والأوروبية. على أن كرة القدم المغربية تزخر بطاقات واعدة قادرة على مواصلة كتابة فصول جديدة من التألق والإشعاع على المستويات الإقليمية والقارية والعالمية.

