أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في رده على سؤال كتابي للنائب البرلماني إدريس السنتيسي، أن مدونة الأسرة خصصت مسطرة دقيقة للبت في طلبات زواج القاصرات بالمغرب دون السن 18 سنة، باعتبارها حالة استثنائية. يشرف عليها القاضي المكلف بالزواج بعد التأكد من مصلحة القاصر، والاستماع إلى أبويها أو ولي أمرها. مع إمكانية الاستعانة بالخبرة الطبية أو البحث الاجتماعي.
وأوضح الوزير أن القاضي يرفض الإذن بالزواج متى تبين له وجود ضرر محتمل على القاصر، مشيراً إلى أن وزارته تتابع هذا الملف عن قرب منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ . عبر عدة إجراءات تروم ضمان التطبيق السليم للمقتضيات القانونية.
وأشار وهبي إلى أن الوزارة أصدرت منذ سنة 2006 مناشير وبلاغات موجهة للقضاة للتشديد على احترام الشروط المرتبطة بزواج القاصرين. كما نظمت لقاءات جهوية وأياماً دراسية لمناقشة الإشكالات العملية المرتبطة بالمادة 20 من المدونة. وأضاف أن الوزارة أطلقت أيضاً حملات لمحاربة ما يسمى بـ“زواج الكونطرا” في بعض المناطق . وساهمت في تعميم وجود مساعدين اجتماعيين بأقسام قضاء الأسرة لمواكبة قضايا القاصرين.
وكشفت معطيات الوزارة عن تراجع ملحوظ في عدد حالات زواج القاصرين خلال السنوات الأخيرة. حيث انخفضت من 26 ألف حالة سنة 2017 إلى أقل من 9 آلاف حالة سنة 2024. ومع ذلك، ما تزال الطلبات مرتفعة نسبياً في الوسط القروي مقارنة بالمدن، وهو ما يعزوه الوزير إلى هشاشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تأثير الأعراف والتقاليد والتأويلات الدينية المغلوطة.
وبخصوص الإصلاحات المرتقبة لمدونة الأسرة، أوضح وهبي أنها تنص على رفع سن الأهلية للزواج إلى 18 سنة كاملة، مع الإبقاء على استثناء محدود في سن 17 وفق شروط صارمة. معتبراً أن ذلك يشكل خطوة مهمة للحد من هذه الممارسة، لكنه شدد في المقابل على أن القانون وحده غير كافٍ.
فالظاهرة، حسب قوله، تجد جذورها في بيئات اجتماعية هشة تدفع بعض الأسر إلى تزويج بناتها باعتباره حلاً لمشاكل الفقر والبطالة أو وسيلة لحماية “السمعة”. لذلك فإن معالجتها تستدعي، إلى جانب التشريع، تغيير العقليات، محاربة الهدر المدرسي، وتوفير بدائل تعليمية وتكوينية للفتيات.
وختم وزير العدل بالتأكيد على أن حماية الطفولة المغربية مسؤولية مشتركة بين الدولة والأحزاب والمجتمع المدني. باعتبارها ثروة بشرية للمستقبل وليست مجرد قضية قانونية معزولة.